الساعة الثامنة
قصة تبكي دما تزرع ألما أحببت مشاركتكم لي بها فنقلتها لكم ..
وهي للدكتور/ محمد الحضيف
الحلقة الأولى
لساعة تقترب من الثامنة حينما استيقظت ..
- لقد تأخرت ...
قلتها .. وأنا أصر أسناني غيظا ، من المنبه .. الذي يخذلني في كل مرة ...
نفضت الشرشف عن جسمي ، وقفزت من فراشي . الربع ساعة التي أمضيها عادة في الاستعداد ، أختصرتها إلى خمس دقائق . ركبت السيارة وأنطلقت ..
كل شئ إختصرته .. إلا السرعة ، فإنها قد تضاعفت . يجب أن أصل ، ولو أدرك نصف الاجتماع . كان ذهني مشغولا بحساب عدد التقاطعات المتبقية ، حتى أصل إلى الطريق السريع ، عندما دوى إرتطام ، عنيف في الجانب الأيمن من مؤخرة سيارتي ، وعكس اتجاهها تماما .
حينما استعدت توازني ، بعد مفآجأة الصدمة ، كانت (أشلاء) سيارتي متناثرة أمامي ، ولمحت من بعد ، السيارة التي صدمتني تلوذ بالفرار .. قلت في نفسي :
سيارة فخمة .. لماذا يهرب صاحبها ، ورفرف من رفارفها يعادل قيمة سيارتي ..؟
لم أحتج لتفكير طويل ، لكي أقرر أن أطارده وأنسى الاجتماع . الصدمة قوية ، والتلفيات في سيارتـي كبيرة ، وأنا لا أستطيع أن أتحمل خسائر بهذا الحجم .. الاجتماع يمكن أن يعوض . هكذا حدثت نفسي ، وأنا أنطلق وراءه بنصف سيارة تقريبا .
كان مرتبكا ، لذلك لحقته بسرعة ، وبدأت مطاردة غير متكافئة بين سيارته الفارهة ، والـ (نصف) المتبقي من سيارتي . شعر أني مدركة .. لا محاله ..
فأنا صاحب حق ، والوضع الذي آلت إليه سيارتي ، لم يبق لي شيئا أخسره .
عند أحد المنعطفات خفض من سرعته كثيرا . لاحظت ذلك ، من نور الكوابح الذي ظل مضاء أطول من كل مرة . لقد استسلم .. قلت لنفسي ، وبدأت آخذ وضع الاستعداد للوقوف .
،
،
،
فجأة .. رأيت باب الراكب الذي بجانبه يفتح ، ولاحظت أنه يميل ، ويدفع (شيئا) إلى الخارج .. ثم أعقب ذلك صريخ عال لعجلات سيارته يصم الآذان ، وهو ينطلق بسرعة عاليه ، تاركا المكان ممتلئا برائحة إحتراق الاطارات ، إثر إحتكاكها الهائل بالارض .
حينما فتح الباب .. وقذف بذلك (الشئ) ، كان أول ما سقط حقيبه .. ثم شيئا ملتفا بقماش أسود .. كأنه ..
- يا إلهى .. إمرأة .. بل فتاة ..
هكذا صرخت ، وأنا أتقدم ببطء تجاه ذلك (الشئ) ، الذي قذف من السيارة .
نهضت .. وأخذت تنفض الغبار الذي علق بعباءتها ، وتتراجع ملتصقة بالجدار . حينما اقتربت منها ، أخذت تبكي ، وهي تلملم أطراف (مريولها) الذي تمزق ، إثر سقوطها من السيارة .
- طالبه ..
قلتها ، وأنا أنظر إلى (مريولها) ، وأغراضها المدرسية التي تناثرت من حقيبتها ..
وقفت قريبا منها ، وصرت أسمع بكاءها ، وحشرجة صوتها وهي تقول :
- أرجوك .. أرجوك .. أستر علي ، الله يخليك .. لا تفضحني ..
لم أدر ماذا أصنع . شعرت بإرتباك وحيرة شديدة .. وتعطلت قدرتي على التفكير . الموقف يبعث على الريبة : أنا .. وفتاة .. على ناصية الشارع . ثوبها ممزق ، وأغراضها مبعثرة على الأرض .. قلت لها .. بعد تردد ، دون أن أحدد ما هي خطوتي التالية :
- اركبي .. سأوصلك إلى بيت أهلك ..
صاحت ، بهلع :
- لا .. لا أريد بيت أهلي .. ستذبحني أمي .. أرجوك ..
كان يجب أن أتصرف بسرعة ، خاصة وأن المشهد أصبح ملفتا للنظر .
السيارات المارة ، صار أصحابها يحدقون بنا ، وكاد فضول بعضهم يدفعه للتوقف .
- اركبي الآن .. ونتفاهم فيما بعد .. في المقعد الخلفي لو سمحت ..
شرعت أجمع أغراضها ، التي تناثرت من حقيبتها المدرسية .. ثم عدت أدراجي إلى السيارة ..
لم تكن قد ركبت ..
،
،
- لماذا لا تركبين ..؟
- الباب لا ينفتح ..
- تعالي إلى هذا الباب ..
ألقيت نظرة إلى داخل السيارة ، كان حطام الزجاج يملأ المقاعد الخلفية ..
- أووف .. لا باس .. إركبي في المقعد الأمامي ..